الفزعة العراقية في صلب معركة طوفان الأقصى
يبدو أن شعب العراق مقبلٌ على تقديم شكل جديد من “الفزعة” المعروف بها، خاصة عند عشائر منطقة الجنوب، ألا وهي دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته خلال معركة طوفان الأقصى
بكل الطرق والوسائل السلمية عبر المظاهرات والاعتصامات، بل وحتى بالوسائل العسكرية منها عبر ضرب أهداف للكيان المؤقت بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بعدما وجهوا ضربات مماثلة ضد قواعد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق (لدور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم وتوجيه الاعتداءات والإبادات والمجازر التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أهل قطاع غزة).
وهذا ما بدأ منذ الأيام الأولى للمعركة وتتوّج بالأمس الخميس، عبر توجّه مئات العراقيين إلى الحدود مع الأردن (عند منفذ طريبيل الحدودي)، بعد أن دعا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الشعوب الإسلامية والعربية للاعتصام سلمياً عند الحدود الفلسطينية، لحين فك الحصار عن قطاع غزة. وأظهرت مشاهد الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قوافل من السيارات والحافلات تقل المئات من العراقيين نحو الحدود مع الأردن. كما أظهر الفيديو بدء عمليات تجهيز الشبّان العراقيين لخيم الاعتصام المفتوح.
السيد الصدر: البقاء في الاعتصام لحين فك الحصار
وقد قال السيد مقتدى الصدر في كلمته المتلفزة: “أدعو الشعوب الإسلامية والعربية وكل محبي السلام إلى تجمع شعبي سلمي من جميع تلك الدول، للذهاب من أجل اعتصام سلمي عند الحدود مع فلسطين المحتلة من جانب مصر وسوريا ولبنان والأردن من دون أي سلاح، غير الأكفان”. مطالباً بـ”البقاء لحين فك الحصار، ولإيصال بعض المعونات الطبية والغذائية الى شمال غزة وجنوبها، ولا نمانع بتفتيش المعتصمين من طرف محايد مثل الأمم المتحدة”. مشيراً إلى أن “هذا نشاط بعيد عن الحكومات والجهات العسكرية”.
الفزعة بجانبها العسكري
أمّا الأربعاء الماضي، فقد أعلن الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراق، جعفر الحسيني رسمياً دخول المقاومة في العراق معترك المعركة وتوجيه ضرباتها إلى القواعد الأميركية. وتبنّت المقاومة الإسلامية في العراق، في عدة بيانات استهداف القوات الأميركية في قواعد “عين الأسد” و”الحرير” (في العراق) وكونيكو والتنف (في سوريا)، بالصواريخ وبالطائرات المسيرة. وتوعّدت مصادر في المقاومة الإسلامية العراقية أمريكا، بالمزيد من العمليات والعديد من المفاجآت، والتي قد تكون باستهداف كيان الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من العراق، بالصواريخ والطائرات المسيرة أيضاً.
ما هي الفزعة العراقية
_ هي من العادات العراقية الأصيلة، التي ما زالت مستمرة حتى وقتنا الحالي، وتقوم على أساس مساعدة الغرباء والمحتاجين، الأمر الذي قد لا يتوفر في مدن عربية وأجنبية.
_ كما هي أسلوب قديم للتعاون بين أبناء المحلة أو العشيرة أو القبيلة الواحدة، وتكثر في القرى والأرياف، حيث يدعو الشخص المحتاج للمساعدة أبناء قريته أو عشيرته وقبيلته لمساعدته، فيتجمعون ويتعاونون في تلبية حاجته، وغالباً ما يكون إنجاز هذا العمل بالمجان، حتى ولو كان بناء بيت بكامله.
_ ساعدت الفزعة العشائرية العراقيين كثيراً في الأوقات العصيبة، مثل خلال فترة الفتنة الطائفية التي أشعلتها قوات الاحتلال الأمريكي، ما بين العام 2003 وحتى 2006. حين هُجر مئات الآلاف من المواطنين على أسس طائفية ومذهبية، فدعت العشائر أبناءها حينها إلى “الفزعة”، عبر مساعدة المهجرين لتوفير مساكن لهم واحتوائهم، وتقديم كل ما يحتاجون إليه.
كما كان للفزعة أهميتها الكبيرة، حينما تهجّر أهالي الناصرية والبصرة والديوانية والسماوة والعمارة وبابل وغيرها، بعد احتلال تنظيم داعش الوهابي الإرهابي لمناطق في شمال البلاد وغربها، حينما وفّرت بيوتاً ومعامل لتأمين مياه الشرب للنازحين.